وسط ارتفاعات متتالية بمعدل التضخم في مصر، تشير التوقعات إلى اتجاه البنك المركزي المصري خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية المقرر عقده الخميس المقبل، نحو رفع أسعار الفائدة بما يتراوح بين 200 إلى 300 نقطة أساس في إطار مواجهة الارتفاعات المستمرة في أسعار جميع السلع والخدمات.وفي مذكرة بحثية حديثة، رجحت إدارة البحوث بشركة “إتش سي” للأوراق المالية والاستثمار مواصلة لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري سيادة التشديد ورفع لجنة السياسات النقدية سعر الفائدة 200 نقطة أساس في اجتماعها المقرر عقده، الخميس 30 مارس الجاري، وذلك بهدف السيطرة على معدلات التضخم المتزايدة.وقالت هبة منير محللة الاقتصاد الكلي بالشركة إنها تتوقع استمرار معدلات التضخم في الارتفاع لتبلغ ذروتها عند 35.9 % بحلول يوليو (تموز) المقبل، قبل أن تتراجع تدريجاً إلى 30.3 % بحلول ديسمبر المقبل.وتوقعت أن تعكس أرقام التضخم لشهر مارس والأشهر المقبلة التالية زيادة أسعار البنزين بنسب تتراوح بين سبعة إلى 11 %في أوائل مارس، وزيادة أسعار زيت الوقود الثقيل (المازوت) بنسبة 20 % لجميع الصناعات باستثناء قطاعي الأغذية وتوليد الكهرباء، إضافة إلى الزيادة المتوقعة في الكهرباء المنزلية اعتباراً من أول يوليو.وتشير البيانات الرسمية إلى أن معدل التضخم الأساسي في مصر قفز خلال شهر فبراير (شباط) الماضي بما يفوق التوقعات إلى 40.26 في المئة على أساس سنوي، وهو ما يعتبر أعلى مستوى في تاريخه بحسب البيانات المتاحة على موقع البنك المركزي المصري.وكان معدل التضخم الأساسي الذي يستثني سلعاً، مثل الفاكهة والخضراوات بسبب التقلبات الحادة في أسعارها، قد سجل 31.24 % في يناير. وكانت التوقعات أن يرتفع إلى 32.85 % خلال شهر فبراير، بحسب استطلاع لخبراء اقتصاديين أجرته وكالة “رويترز”.كما تشير بيانات البنك المركزي المصري إلى أن التضخم الأساسي، ارتفع على أساس شهري بنسبة 8.1 % في فبراير 2023، في مقابل 6.3 % في يناير (كانون الثاني) الماضي.وكانت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، أظهرت أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في مدن مصر قفز بأكثر من المتوقع إلى 31.9 % خلال شهر فبراير، وهو أعلى مستوى في خمس سنوات ونصف السنة، وذلك من 25.8 % في يناير.ويأتي تصاعد التضخم في أعقاب سلسلة من قرارات خفض قيمة العملة بدأت في مارس 2022 وسط شح في العملة الأجنبية منذ فترة طويلة والتأخيرات المستمرة في جلب الواردات إلى البلاد، وانخفض الجنيه المصري في مقابل الدولار الأميركي بنحو 50 % منذ مارس العام الماضي.وسجل التضخم العام، خلال شهر فبراير، أعلى مستوى منذ أغسطس (آب) 2017 عندما وصل إلى 31.92 % بعد تسعة أشهر من خفض حاد آخر في قيمة العملة.وكشفت شركة “إتش سي” عن أن التضخم سينعكس على التحرير الأخير لبعض السلع الغذائية الأساسية مثل الرز، إضافة إلى النقص في إمدادات الدواجن المحلية بسبب المشكلات المتعلقة بأسعار الأعلاف وتوافرها، التي تأثرت بالحرب الروسية – الأوكرانية، وتراجعت قيمة الجنيه المصري بنسبة 20 % منذ بداية عام 2023 وحتى الآن.وأشارت هبة منير إلى أنه نتيجة لتراجع دخل العملات الاجنبية، اتسعت فجوة الخصوم والأصول في القطاع المصرفي بالعملة الأجنبية مسجلة صافي التزامات على القطاع المصرفي، ومتضمنة في ذلك أرقام البنك المركزي بمبلغ 21.6 مليار دولار في يناير 2023 بالمقارنة بمستواها عند صافي خصوم 20.0 مليار دولار في ديسمبر 2022.وأكدت أنه باستبعاد أرقام البنك المركزي تتسع صافي خصوم القطاع المصرفي من العملات الأجنبية إلى 13 مليار دولار في مقابل 11.7 مليار دولار في ديسمبر 2022. وتابعت: “أنه في ضوء زيادة الضغوط التضخمية، وحاجة مصر إلى الحفاظ على جاذبية الاستثمار، نتوقع أن يصل معدل العائد المطلوب من قبل المستثمرين على أذون الخزانة المصرية أجل 12 شهراً إلى 25.18 في المئة، وهو الذي يعكس ارتفاع مقايضة التخلف عن سداد الائتمان لمصر لمدة عام إلى 1419 مقارنة بمستواها عند 670 في بداية فبراير”.وقالت إن إجمالي استثمارات المستثمرين الأجانب في أذون الخزانة المصرية ارتفع بمقدار 2.4 مليار دولار في ديسمبر 2022 إلى 10.4 مليار دولار بنهاية يناير 2023، وسجل آخر طرح لأذون الخزانة لمدة 12 شهراً متوسط عائد بنسبة 19.19 % (وذلك بعد خصم ضرائب بنسبة 15 في المئة للمستثمرين الأميركيين والأوروبيين)، الذي يعكس عائداً حقيقياً بسالب 2.31 %، وذلك أخذاً في الاعتبار توقعاتنا للتضخم عند مستوى 21.5 % في مارس 2024، الأمر الذي يعزز وجهة نظرنا بشأن الزيادة المتوقعة في أسعار الفائدة.وتوقعت أن يتحول العائد الحقيقي إلى عائد بالإيجاب بنسبة 1.33 % وذلك بعد خصم ضرائب بنسبة 15 % للمستثمرين الأجانب على العائد المتوقع من جانبهم وتضخم متوقع بنسبة 20.1 % لشهر أبريل 2024.على الجانب الإيجابي أشارت “إتش سي” إلى ارتفاع الودائع غير المدرجة في الاحتياطات الرسمية للشهر الثالث على التوالي، بنسبة 19 في المئة مقارنة بالشهر السابق لتصل إلى 2.61 مليار دولار في فبراير، ومع ذلك فهي لا تزال أقل من مستواها عند 9.38 مليار دولار في العام السابق 2022، وأيضاً ارتفع صافي الاحتياط من النقد الأجنبي للشهر السادس على التوالي بنسبة 0.4 % على أساس شهري ليصل إلى 34.3 مليار دولار في فبراير، بينما انخفضت بنسبة 16.2 % على أساس سنوي.وكانت لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري قد قررت في اجتماعها، في الثاني من فبراير 2023، إبقاء سعر الفائدة على الودائع والإقراض لليلة واحدة من دون تغيير عند 16.25 % و17.25 % على التوالي، بعد أن رفعت أسعار الفائدة بمقدار 800 نقطة أساس خلال عام 2022 وبمقدار 500 نقطة أساس في الربع الرابع.وبالنسبة إلى التغير الشهري في معدلات التضخم، ووفق بيانات جهاز الإحصاء فقد ارتفعت الأسعار الشهرية بنسبة 6.5 %على أساس شهري في فبراير 2023 مقارنة بزيادة بنسبة 4.7 % على أساس شهري في الشهر السابق له، ويرجع ذلك في الأساس إلى زيادة معظم أسعار السلع الغذائية والمشروبات بنسبة 14.4 % على أساس شهري مقارنة بزيادة قدرها 10.1 %على أساس شهري في يناير 2023.على الصعيد العالمي رفع الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة الأربعاء الماضي، بمقدار 25 نقطة أساس، وبذلك يصل إجمالي مقدار الزيادة منذ بداية العام وحتى الآن إلى 50 نقطة أساس بعد أن رفع أسعار الفائدة بمقدار 425 نقطة أساس على مدار عام 2022.