هل يمكن أن يفقد الذهب قيمته في المستقبل.

المصدر : موقع الميادين

يُلاحظ حاليًا زيادة في إقبال
المستثمرين على شراء الذهب، ويُعزى ذلك إلى تنامي المخاوف من حدوث أزمة اقتصادية
عالمية تنطلق من الولايات المتحدة وتؤثر على الصين ودول الاتحاد الأوروبي.

تاريخيًا، شهد الذهب تراجع
قيمته في عدة مرات عبر التاريخ. من بين الأمثلة البارزة على ذلك هو انهيار
الإمبراطورية الرومانية، حيث فقد الذهب قيمته نتيجة إنتاج كميات كبيرة من العملات
الذهبية المزيفة التي انتشرت في جميع أنحاء الإمبراطورية.
هذا الوضع أدى إلى فقدان الثقة
في الذهب كعملة وتحول الكثير من الناس إلى التبادل بوساطة المقايضة.

مثال آخر من العصر الحديث يأتي
من ولاية كاليفورنيا في منتصف القرن التاسع عشر، حيث تسبب تدفق الذهب المفاجئ في
التضخم وانخفاض قيمة المعدن بشكل لاحق.

في الوقت الحاضر، تحتفظ حكومة
الولايات المتحدة بأكبر مخزون من الذهب في العالم، حيث يبلغ حجمه أكثر من 8133 طنًا. بينما تأتي روسيا
والصين في المرتبتين الخامسة والسادسة على التوالي، حيث تمتلك روسيا 2299 طنًا من
الذهب، بينما تمتلك الصين 1948 طنًا.

 تلاعبت بعض الحكومات في أسعار
الذهب لأغراضها السياسية والاقتصادية، وهذا أثر على قيمته بشكل ملحوظ.

من الجدير بالذكر أنه في
العقود الأخيرة، لقد شهدنا تغيرًا في طريقة تعامل الحكومات مع الذهب. في العصور
الحديثة، اتجهت العديد من الدول نحو نظام الصكوك الورقية والعملات القابلة للتداول. على الرغم من
ذلك، لا يزال الذهب يحتفظ ببعض قدرته على الحفاظ على القيمة في الأوقات التي تشهد
فيها الأسواق الاقتصادية عدم استقرارًا.

بشكل عام، يمكن القول إن الذهب
لا يزال يحتفظ بمكانته كواحد من الأصول الرئيسية التي يلجأ إليها المستثمرون في
فترات عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي. تظل قيمته مرتبطة بالعديد من العوامل، بما
في ذلك العرض والطلب على المعدن، والتضخم، والتوترات الجيوسياسية، ومخاطر
الاستثمار العالمية

1821،
تأسس المعيار الذهبي في بريطانيا كنظام نقدي يقوم على تحديد قيمة العملة بناءً على
كمية الذهب المتداول. كانت الحكومات تقوم بشراء الذهب وبيعه بهدف تنظيم
العرض النقدي وضمان استقرار العملة.

ومع ذلك، بعد الحرب العالمية
الأولى، واجه المعيار الذهبي ضغوطًا هائلة نتيجة لتحويل الحكومات إلى تمويل جهود
الحرب. خلال فترة الكساد الكبير، تخلىت دول مثل بريطانيا والولايات المتحدة عن
المعيار الذهبي، مما سمح لها بطباعة المزيد من النقود. وهذا أدى إلى التضخم، حيث زادت كميات
العملات المطبوعة بشكل مفرط مقارنة بتوافر السلع، مما أدى في النهاية إلى انخفاض
قيمة الذهب.على مر السنين، تدخّلت
الحكومات بشكل مباشر في سوق الذهب لإدارة اقتصاداتها أو التلاعب بالدول الأخرى. بعض الأمثلة على
ذلك هي:قانون احتياطي الذهب الأميركي: في عام 1934، أصدر الرئيس
فرانكلين روزفلت أمرًا تنفيذيًا بمصادرة جميع الذهب الذي يحتفظ به المواطنون
الأميركيون. أكد قانون احتياطي الذهب الأميركي لعام 1934 هذا الأمر، وأمر المواطنين بتسليم ذهبهم
مقابل العملة الورقية، ثم رفعت الحكومة سعر الذهب إلى 35 دولارًا للأوقية، مما أدى إلى خفض قيمة
الدولار بنسبة 60%.تجمع لندن: في الستينيات،
أنشأت الولايات المتحدة و6 دول أخرى تجمع لندن للذهب، وهو اتفاق يهدف إلى
الحفاظ على سعر ثابت للذهب كوسيلة لتثبيت قيمة عملاتها. ومع ذلك، بدأت الحكومة الأميركية في طباعة
المزيد من الدولارات لتمويل عجزها المتزايد، مما أدى إلى التضخم وضغط الدول الأخرى
لاستبدال ممتلكاتها بالدولار بالذهب.صدمة نيكسون: في عام 1971، أعلن الرئيس
ريتشارد نيكسون أن الولايات المتحدة لن تستبدل الدولارات بالذهب، مما ينهي فعليًا
المعيار الذهبي. هذه الخطوة سمحت للولايات المتحدة بطباعة المزيد من الدولارات بدون قيود وخفض
قيمة الدولار، مما أثر على الدول الأخرى وأحدث عدم استقرارًا في النظام النقدي
الدولي.

على مر القرون، كان الذهب
مصدرًا للثروة والاستقرار. ومع ذلك، أدت التدخلات السياسية في سوق الذهب إلى انخفاض
قيمة العملة وتسببت في عدم استقرار اقتصادي عالمي. ومع تصاعد
التوترات السياسية عالميًا، من غير المرجح أن تتوصل المحاور المتنافسة – بل
المتصارعة والمتداخلة – إلى اتفاق على نظام نقدي مستقر يخدم اقتصاديات جميع الدول. فهل سيظل الذهب
صامدًا أمام تحديات ولادة عالم متعدد الأقطاب، أم سيُستخدم كأداة لتدمير القوى
الناشئة

نقلا عن موقع الميادين