في الأشهر الثلاثة الماضية، قفزت أسعار المعادن الثمينة لتعوض الخسائر التي تكبدتها خلال الربع الأول من عام 2023. وقد ارتفعت أسعار المعادن الثمينة بنحو 10% خلال الربع الثاني من عام 2023، مدعومةً بعدة عوامل منها:ضعف الدولار الأمريكي: انخفضت قوة الدولار مما جعل المعادن الثمينة أكثر جاذبية للمستثمرين.التوترات الجيوسياسية: تصاعدت التوترات الجيوسياسية في عدد من المناطق مما دفع بعض المستثمرين للجوء إلى المعادن الثمينة كملاذ آمن.الضغوط التضخمية: تصاعدت التوقعات حول التضخم مما زاد من الطلب على المعادن الثمينة كحماية ضد تباطؤ قوة العملة.حالة عدم اليقين: عدم اليقين الاقتصادي والسياسي دفع المستثمرين إلى البحث عن ملاذ آمن في الذهب.الذهب كمعدن ثمين ارتفعت أسعاره بنحو 5% خلال يونيو الماضي، وقد واجه بعض التذبذبات خلال هذه الفترة. تأثر الذهب بعدة عوامل أساسية خلال النصف الأول من العام:ارتفاع معدلات التضخم: على الرغم من تراجع التضخم النسبي في الأشهر الأخيرة، إلا أنه لا يزال مرتفعًا مما دفع بعض المستثمرين للجوء إلى الذهب كحماية ضد تدهور العملة.زيادة مشتريات البنوك المركزية: ارتفعت مشتريات البنوك المركزية للذهب إلى أعلى مستوياتها في 55 عامًا، مما دعم أسعاره.التوترات الجيوسياسية: كانت الأوضاع السياسية المتوترة، بما في ذلك الحرب الروسية الأوكرانية، عاملاً محفزاً للطلب على الذهب.بعض الاضطرابات الاقتصادية: شهدت بعض الدول أزمات مالية واقتصادية تدعم الطلب على المعادن الثمينة.التوقعات تشير إلى أن سعر الذهب قد يستفيد نسبيًا في المستقبل القريب من عدم رفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة، ولكن بقاء الفائدة مرتفعة لفترة طويلة وسياسات التشديد النقدي المتوقعة في أوروبا وبعض الدول الناشئة قد تضعف من قوة هذا العامل. عمومًا، متوقع أن يظل الطلب الشرائي المرتفع من البنوك المركزية يدعم أسعار الذهب في وجه الضغوط المستقبلية. ارتفعت أسعار الفضة بنسبة تقدر بحوالي 6%، وذلك بفضل زيادة الطلب المادي عليها، حيث تُعتبر الفضة من بين المعادن الثمينة التي تتمتع بشعبية كبيرة في الأسواق. ورغم هذا الارتفاع، يتسبب القلق بشأن تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، وخاصة في ظل زيادة الإشارات الانكماشية في الاقتصاد الأمريكي، في تأثير سلبي على أداء الفضة.كما فقدت الفضة جزءًا من الزخم الذي حققته خلال الربع الأول من العام، وذلك بسبب تخلي الصين عن سياسة صفر كوفيد، حيث لا تزال معدلات النمو مخيبة للآمال مقارنةً بما كانت عليه في الأسابيع الأولى لرفع قيود الإغلاق الاقتصادي.وفي ضوء هذه التطورات، يظل المستثمرون والمتداولون يترقبون مستجدات الوضع الاقتصادي العالمي، ويحذرون من تبعات التراجع في النمو على أداء الفضة وغيرها من الأصول الاستثمارية. فعلى الرغم من جاذبية الفضة كملاذ آمن، إلا أن التقلبات الاقتصادية الراهنة قد تلقي بظلالها على أداء السوق وتشكل تحديًا للاستثمارات في المعادن الثمينة. شهدت سوق الفضة انخفاضًا حادًا للأسعار إلى أقل من 16 دولارًا بعد قرارات رفع الفائدة المتتالية، التي أثرت سلبًا على السوق وزادت الضغوط على الأصول الثمينة. كما تسببت أزمة سقف الدين الفيدرالي في الولايات المتحدة في توتر الأسواق لعدة أسابيع.فيما يتعلق بالبلاتينيوم، شهدت أسعاره تقلبات خلال العام الحالي، حيث بقيت الطلبية الصناعية قوية، لكنها لا تزال أقل من مستويات 2021. وقد وجدت الأسعار دعمًا من عدم انتظام إنتاج جنوب أفريقيا، أكبر منتج للبلاتينيوم في العالم، بسبب مشاكل سلاسل التوريد.بالنسبة للذهب، يعتبر البعض أنه مازال يشكل خيارًا جذابًا للمستثمرين، حيث يبدو أن قدرته على الاستقرار بالقرب من المستويات التاريخية قائمة رغم معدل الفائدة العالي في الولايات المتحدة، مما يدل على تراجع ثقة الأسواق. وقد تكون هناك فرصة لكسر القمة التاريخية للذهب وتجاوز مستوى 2,100 دولار للأوقية إذا تم تخفيض معدل الفائدة بسبب التدهور غير المتوقع في مؤشرات الاقتصاد الكلي.من الناحية الاقتصادية، يُتوقع أن يسهم انخفاض معدل البطالة في تحسين الطلب المادي وتحفيز النمو الاقتصادي. قد يؤدي تباطؤ التضخم إلى إبقاء معدلات الفائدة الحالية دون تغيير لفترة طويلة.بالنظر إلى هذه التوقعات، يمكن أن يكون شراء أسهم شركات تعدين الذهب خيارًا جيدًا للمستثمرين الذين يتوقعون استمرار الطلب على المعدن الأصفر كملاذ آمن للقيمة وحماية الثروة خلال فترات التقلبات الاقتصادية.نقلا عن جريدة عفيد