شهد الذهب ارتفاع بشكل طفيف خلال
تداولات اليوم الجمعة في ختام تداولات هذا الأسبوع الذي شهد ارتفاع كبير في أسعار
الذهب على حساب تراجع حاد في مستويات الدولار الأمريكي بعد تغير السياسة النقدية
للبنك الفيدرالي الأمريكي.
تتداول أسعار الذهب الفوري وقت
كتابة التقرير عند المستوى 2042 دولار للأونصة مسجلا ارتفاع بنسبة 0.2% وذلك بعد
أن ارتفع يوم أمس بنسبة 0.4% مسجلاً أعلى مستوى هذا الأسبوع عند 2047 دولار
للأونصة.
منذ بداية الأسبوع ارتفع سعر
الذهب بنسبة 1.8% مرتفعاً من أدنى مستوى في 3 أسابيع سجله عند 1973 دولار للأونصة
ليربح الذهب 67 دولار حتى الآن.
الارتفاع الكبير في مستويات الذهب
يأتي بدعم من انهيار مستويات الدولار وعوائد السندات الحكومية الأمريكية، وذلك بعد
اجتماع البنك الفيدرالي الأمريكي الذي شهد انتهاء دورة رفع أسعار الفائدة ليتوقع
تخفيض الفائدة العام القادم بمقدار 75 نقطة أساس.
ساعد هذا على انتعاش أسعار الذهب
مع تراجع تكلفة الفرصة البديلة للمعدن النفيس الذي لا يقدم عائد لحائزيه مقارنة مع
السندات الأمريكية التي تقدم عائد يرتفع بارتفاع أسعار الفائدة.
ارتفع مؤشر الدولار اليوم بشكل
طفيف بنسبة 0.1% وذلك بعد أن انخفض منذ بداية الأسبوع بنسبة 1.8% مسجلا أدنى مستوى
منذ 4 أشهر، بينما انخفض العائد على السندات الحكومية الأمريكية لأجل 10 سنوات
بنسبة 7.5% مسجلاً أدنى مستوى منذ 5 أشهر تقريباً عند 3.887%.
تحولت سياسة البنك الفيدرالي
الأمريكي إلى التسهيل بشكل كبير بعد تمسكه بالتشديد النقدي الحاد منذ مارس 2024، وبعد
اجتماعه هذا الأسبوع أعطى الضوء الأخضر للأسواق بشكل عملي للغاية لتسعير دورة
تخفيض قادمة في أسعار الفائدة، والمتوقع أن تستجيب الأسواق لهذه الدورة كونها
توافق توقعاتها.
توقعات الأسواق لمستقبل أسعار
الفائدة الأمريكية يشير إلى احتمال الآن بنسبة 67.1% بخفض الفائدة 25 نقطة أساس
خلال اجتماع البنك في مارس 2024، وقد ارتفع هذا الاحتمال بعد أن كان بنسبة 40% قبل
اجتماع البنك الفيدرالي.
من جهة أخرى توقعت مؤسسة جولدمان
ساكس أن يقوم البنك الفيدرالي بخفض الفائدة بمقدار 75 نقطة خلال عام 2024 على ثلاث
اجتماعات متتالية تبدأ من مارس القادم.
أما عن البيانات الاقتصادية التي
صدرت يوم أمس عن الاقتصاد الأمريكي فقد أظهر مؤشر اعانات البطالة الأمريكية تراجع
إلى 202 ألف من القراءة السابقة 221 ألف، بينما ارتفع مؤشر مبيعات التجزئة في
نوفمبر بنسبة 0.3% مقارنة مع انخفاض سابق بنسبة 0.2%.
تحسن البيانات الأمريكية يوم أمس
لم يوقف انخفاض مستويات الدولار الأمريكي ولكنه عمل على الحد من هذه الخسائر،
لينعكس هذا سريعا على أسعار الذهب الذي قلص مكاسبه ليغلق تحت المستوى 2040 دولار
للأونصة قبل أن يبدأ اليوم في اختراق هذا المستوى.
قد يشهد الذهب المزيد من التغيرات
السعرية خلال جلسة اليوم مع آخر تداولات الأسبوع خاصة مع صدور بيانات عن القطاع
الصناعي الأمريكي، حيث يصدر اليوم مؤشر امباير الصناعي مع توقعات بتسجيل تقلص في
النمو إلى 2.0 من القراءة السابقة بقيمة 9.1.
الأسابيع القادمة قد تشهد تراجع
في أحجام التداول في الأسواق العالمية بسبب موسم العطلات، الأمر الذي قد يصعب
الأمر على أسعار الذهب لاختراق مستويات هامة أو تسجيل مستويات قياسية.
بشكل عام منحنى العائد على السندات
الحكومية الأمريكية يظهر انخفاض غير معتاد الأمر الذي يدل على تراجع العائد على
السندات طويلة الأجل مثل استحقاق 10 سنوات و20 سنة و30 سنة، مقارنة مع ارتفاع
العائد على السندات ذات الاستحقاق القريب مثل 1 شهر وحتى عامين.
مثل هذا التشوه في منحنى العائد
يعتبر دليل واضح على عدم ثقة المستثمرين في مستقبل الاقتصاد الأمريكي على المدى
المتوسط والبعيد وتفضيلهم الاستثمارات قصيرة المدى مما يوفر لهم سرعة الهروب من
السندات والتوجه لاستثمار آمن آخر وفي هذه الحالة سيفتح الذهب أبوابه لاستقبال
الاستثمارات الهاربة من أسواق السندات الحكومية.
أيضاً انخفاض منحنى عائد السندات
الحكومية أصبح علامة متشائمة على مستقبل النمو الاقتصادي الأمريكي، بعد أن تكرر
هذا المشهد قبل كل أزمة واجهت الولايات المتحدة الأمريكية مؤخراً.
لكن البيانات الأخيرة عن الاقتصاد
الأمريكي وقوة قطاع العمالة يدل أن الاقتصاد الأمريكي سيشهد سيناريو الهبوط
الناعم، بمعنى تراجع معدلات النمو بشكل تدريجي دون سقوط الاقتصاد في الركود الحاد،
وبالرغم من كون هذا لن يكون في صالح الذهب الذي يتزايد الطلب عليه في أوقات
الركود، ولكن حقيقة خفض الفائدة وخروج الاستثمارات من القطاع البنكي الأمريكي وسوق
السندات سيدعم الذهب بشكل كبير.