يشهد سوق الذهب طفرة غير مسبوقة في عام 2025، بعد أداء قوي خلال 2024، حيث ارتفعت أسعار الذهب بنحو 27%. هذا الارتفاع المتواصل أثار اهتمام المستثمرين والمحللين على حدٍ سواء، وفتح الباب أمام سؤال جوهري: من المستفيد الأكبر من هذا الصعود التاريخي؟ الإجابة تأتي واضحة: البنوك المركزية.
احتياطيات الذهب تحقق مستويات قياسية
منذ عام 2022، ارتفعت أسعار الذهب بأكثر من 105%، ما انعكس مباشرة على قيمة احتياطيات البنوك المركزية حول العالم. ففي الأسواق المتقدمة، قفزت القيمة السوقية لاحتياطيات الذهب بنحو 600 مليار دولار، بنسبة نمو بلغت 90%، لتسجل رقمًا قياسيًا جديدًا عند 1.3 تريليون دولار. أما في الأسواق الناشئة، فقد تضاعفت القيمة لتصل إلى 800 مليار دولار.
الأرقام تظهر أيضًا أن البنوك المركزية لم تكتفِ بالاستفادة من ارتفاع الأسعار، بل ضاعفت مشترياتها من الذهب. فمنذ 2022 وحتى نهاية 2024، اشترت البنوك المركزية نحو 3176 طنًا من الذهب، وهو أعلى مستوى شراء في تاريخها.
دوافع الاقتناء: أمان واحتياط استراتيجي
يعود هذا التوجه المتسارع نحو الذهب إلى عوامل متعددة، أبرزها اعتباره ملاذًا آمنًا في ظل التوترات الاقتصادية العالمية، والتقلبات في أسواق العملات، إضافة إلى تنامي الرغبة في تنويع الاحتياطيات بعيدًا عن الدولار. ويلاحظ أن البنوك المركزية في الأسواق الناشئة كانت الأكثر نشاطًا، بزيادة قدرها 10% في احتياطاتها، مقابل 1% فقط في نظيراتها بالأسواق المتقدمة.
المستثمرون يتجهون إلى الأمان وسط ضبابية الأسواق
لم يكن أداء الذهب جيدًا للبنوك المركزية فقط، بل حصد المستثمرون الأفراد والمؤسسات أيضًا فوائد صعود الذهب، وسط زيادة الإقبال على الأصول الآمنة. فقد سجل الذهب ارتفاعًا بنسبة 1.5% اليوم الثلاثاء، ليصل إلى 3400 دولار للأوقية، مواصلاً صعوده لليوم الثاني على التوالي.
ويأتي هذا الارتفاع في ظل تنامي التوترات الجيوسياسية والتقلبات الاقتصادية، ما دفع المستثمرين إلى ضخ أموالهم في صناديق الاستثمار المتداولة بالذهب، وسندات الخزانة الأميركية قصيرة الأجل، والأسهم منخفضة التقلب.
تدفقات قياسية نحو الملاذات الآمنة
بلغ صافي التدفقات إلى هذه الأصول الآمنة نحو 18 مليار دولار خلال أبريل 2025، وهو أعلى مستوى منذ مارس 2023، في وقت ارتفعت فيه القطاعات الدفاعية مثل السلع الاستهلاكية الأساسية بنسبة 3.7%، وقطاع المرافق بنسبة 1% منذ بداية العام.
ورغم قوة هذه القطاعات، يظل الذهب هو النجم الحقيقي للأسواق هذا العام، بعدما اخترق حاجز 3500 دولار للأوقية لأول مرة في تاريخه، ليؤكد من جديد مكانته كأصل استراتيجي في أوقات عدم اليقين.