شهدت أسعار الذهب تقلبات ملحوظة خلال عام 2024 مع تزايد التوترات الاقتصادية والسياسية حول العالم، حيث استثمر الكثيرون في الذهب كملاذ آمن مما دفع الأسعار إلى ارتفاعات قياسية، بينما استقرت الأسعار في نهاية العام مع تغير توقعات السياسة النقدية للبنك الفيدرالي الأمريكي، ولكن لا تزال التوقعات تشير إلى استمرار الارتفاع في عام 2025 نتيجةً للتوترات الجيوسياسية واستمرار الطلب من قبل البنوك المركزية العالمي إلى جانب السياسات النقدية المتغيرة التي تؤثر على الأسواق المالية العالمية.
حتى الآن ارتفع سعر أونصة الذهب العالمي بنسبة 25% منذ بداية العام وسجل أعلى مستوى تاريخي عند المستوى 2790 دولار للأونصة خلال شهر أكتوبر الماضي، قبل أن يشهد انخفاض خلال شهر نوفمبر بنسبة 3.4% وخلال شهر ديسمبر حتى الآن بنسبة 2%.
التراجع الأخير في سعر الذهب العالمي دفع الأسواق إلى التساؤل بشأن مستقبل تحركات سعر الذهب خلال عام 2025، وهل يستمر في الارتفاع القياسي الذي سجله في 2024؟
وفيما يلي توقعات أهم المنظمات والمؤسسات المالية العالمية للذهب خلال العام القادم:
مجلس الذهب العالمي: توقع أن يشهد الذهب ارتفاعاً أقل في أسعاره خلال عام 2025 بعد تسجيله مستويات قياسية في 2024، ويعود التباطؤ المتوقع في العام المقبل إلى عوامل مثل النمو الاقتصادي والتضخم. أيضاً الحروب التجارية المحتملة في ولاية ترامب الثانية وتعقيدات أسعار الفائدة قد تؤدي إلى نمو اقتصادي ضعيف مما سيؤثر سلباً على الطلب على الذهب، فقد تدعم سياسات ترامب الاقتصاد المحلي لكنها قد تثير قلق المستثمرين عالمياً.
جولدمان ساكس: وفقًا لتقرير حديث من بنك جولدمان ساكس في ديسمبر 2024، توقع ارتفاع أسعار الذهب إلى 3000 دولار للأونصة بحلول نهاية عام 2025، حتى في ظل احتمال استمرار قوة الدولار الأمريكي، وتراجع أسعار الفائدة من البنك الفيدرالي الأمريكي والبنوك المركزية الأخرى، بالإضافة إلى استمرار الطلب على الذهب من البنوك المركزية العالمية، أيضاً التوترات الجيوسياسية المستمرة تزيد من جاذبية الذهب كملاذ آمن.
سيتي بنك: قام البنك برفع توقعاته لأسعار الذهب ويرى أنه خلال عام 2025 قد يصل سعر الذهب إلى 3000 دولار للأونصة، في ظل الضغوط على الاقتصاد الأمريكي والأزمات المتواصلة في الشرق الأوسط ومشتريات البنوك المركزية من الذهب.
جي بي مورجان: يتبنى البنك نظرة أكثر تحفظًا متوقعاً أن يصل متوسط سعر الذهب إلى 2600 دولار للأونصة، مع إمكانية تجاوز هذه المستويات في وقت أبكر من المتوقع، مدعومًا بالسياسات النقدية المتوقعة وانخفاض التضخم وزيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن.
الملاحظ من توقعات المؤسسات العالمية للذهب في 2025 أنها اعتمدت على عدة عوامل هي الأهم حالياً والأكثر تأثيراً على سعر الذهب وتتمثل هذه العوامل في:
السياسات النقدية للبنوك المركزية: استمرار البنوك المركزية العالمية في خفض أسعار الفائدة واتباع سياسة التيسير النقدي يعمل على دعم أسعار الذهب بشكل كبير لأنها تقلل من تكلفة الفرصة البديلة للذهب الذي لا يقدم عائد لحائزيه.
التوترات الجيوسياسية: استمرار التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وتزايد المناطق الساخنة في العالم مؤخراً مثلما رأينا في فرنسا وكوريا الجنوبية، يبقي الطلب متزايد على الذهب كملاذ آمن في الأسواق المالية، ويدفع مديري المحافظ المالية والصناديق الاستثمارية الكبرى إلى زيادة الاستثمار في الذهب.
مشتريات البنوك المركزية من الذهب: وفقًا لتقارير مجلس الذهب العالمي شهدت البنوك المركزية العالمية زيادة ملحوظة في مشترياتها من الذهب خلال عام 2024 حتى نهاية نوفمبر، حيث وصل حجم مشتريات البنوك منذ بداية العام وحتى نهاية الربع الثالث من العام إلى 694 طن وهو ما يعادل المستويات التي شاهدناها في عام 2022.
الإدارة الأمريكية الجديدة: مع تولي الإدارة الأمريكية الجديدة زمام الأمور برئاسة دونالد ترامب بداية 2025، هناك العديد من التوقعات بشأن اعتمادها على فرض رسوم جمركية جديدة وسياسات ضريبية من شأنها أن تدفع التضخم إلى الارتفاع وبالتالي تدعم مستويات الدولار الأمريكي الذي وصل إلى اعلى مستوياته منذ أكثر من عامين خلال شهر ديسمبر.
من جهة أخرى فقد أشار البنك الفيدرالي الأمريكي خلال آخر اجتماعاته هذا العام إلى نيته لتقليل عمليات خفض الفائدة خلال عام 2025، وهو الأمر الذي من شأنه أن يدفع الدولار الأمريكي لمزيد من الصعود ويؤثر سلباً على أسعار الذهب.
الخلاصة
بالنظر إلى توقعات المؤسسات العالمية لتحركات الذهب خلال العام القادم، والعوامل المؤثرة حالياً على الذهب، ترى جولد بيليون أن نظرة مجلس الذهب العالمي لمستقبل الذهب العالمي خلال 2025 هي الأقرب، فهناك عدد من العوامل التي تدعم استمرار أسعار الذهب في الارتفاع خلال العام القادم وتسجيل مستويات تاريخية جديدة، ولكن هناك عوامل أخرى ستعمل على الحد من مكاسب الذهب وستكون النتيجة هي استمرار الذهب في الارتفاع ولكن بوتيرة أقل من عام 2024 الذي شهد أداء استثنائي للذهب.