يتوقع محللون ومتعاملون في أسواق الذهب أن يستمر تعافي المعدن النفيس خلال الفترة المقبلة، ويعزو ذلك إلى خمسة أسباب رئيسية. تتصدر هذه الأسباب الأزمة المتعلقة بسقف الدين الأمريكي والانهيارات التي طالت البنوك الأمريكية، بالإضافة إلى الخسائر التي تعانيها أسواق الأسهم واستمرار تدفق المستثمرين خارجها نظرًا لحالة عدم اليقين الاقتصادي. وأخيرًا، تتوقع التوقعات أن تقوم البنوك المركزية حول العالم بخفض معدلات الفائدة.في الجلسات الأخيرة، ارتفعت أسعار الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.1٪ لتصل إلى مستوى 2013.79 دولار للأونصة بعد تراجعها على مدى ثلاث جلسات. يتجه سعر الذهب للارتفاع خلال فترات عدم اليقين الاقتصادي والمالي، ومع ذلك، فإن رفع أسعار الفائدة يضعف إقبال المستثمرين على المعدن الذي لا يحمل فائدة. ومع ذلك، فقد فقد الذهب بعض بريقه بسبب ارتفاع مؤشر الدولار إلى أعلى مستوى في خمسة أسابيع مقابل العملات الرئيسية، مما يزيد من تكلفة شراء الذهب لحائزي العملات الأخرى.بالنسبة للمعادن الأخرى، ارتفعت أسعار الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 0.4٪ لتصل إلى 24.01 دولار للأونصة، وارتفع البلاتين بنسبة 0.3٪ ليصل إلى مستوى 1052.44 دولار للأونصة، وازدادت أسعار البلاديوم بنسبة 0.6٪ لتصل إلىوفقًا لمذكرة بحثية حديثة صادرة عن شركة “آر بي سي كابيتال ماركتس”، تم الكشف عن أن تصاعد المخاوف المتعلقة بأزمة سقف الدين الأمريكي يمكن أن يعزز قيمة الذهب، حيث يستعد المستثمرون لمواجهة فوضى محتملة في الأسواق المالية. وأشار كريستوفر لوني، الخبير الاستراتيجي في “آر بي سي كابيتال ماركتس”، إلى أن المفاوضات الصعبة تمهد الطريق لارتفاع قصير الأجل في سعر الذهب، الذي يتداول بالقرب من أعلى مستوياته على الإطلاق. وأضاف أنه حتى في حالة التوصل في النهاية إلى اتفاق بشأن سقف الدين، لن يتم تجاهل القلق المتزايد في الأوساط المالية قبيل الموعد النهائي. وبشكل عام، يعتقدون أن الذهب هو أداة التحوط الأفضل في المدى القريب.وتشير توقعات السوق إلى أن خفض أسعار الفائدة الأمريكية قد يتم تنفيذه مرات إضافية خلال العام 2023، مما قد يعزز قيمة الذهب كونه مخزنًا للقيمة.ويرون المحللون أن عجز الولايات المتحدة عن سداد ديونها قد يدفع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية، حيث يتجه المستثمرون نحو الملاذات الآمنة. ووفقًا لإدوارد مويا، كبير محللي السوق في “أواندا”، فإنه لن يكون مفاجئًا رؤية ارتفاع قيمة الذهب بمقدار 100 دولار، مما يعني ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية.مع استمرار هبوط قيمة الدولار أمام سلة العملات العالمية، يتوقع العديد من المستثمرين الهروب إلى أسواق الملاذات الآمنة والأصول الآمنة في ظل المخاوف المستمرة من الخسائر الكبيرة في أسواق الأسهم. وفي الجلسات الأخيرة، شهد مؤشر الدولار، الذي يقيس قيمة الدولار مقابل سلة من العملات الرئيسية، تراجعًا بنسبة 0.10 في المئة إلى 102.59 نقطة، وعادة ما يكون ذلك تخفيفًا للضغوط على السلع التي تسعر بالدولار.ومن المتوقع أيضًا أن ينخفض الدولار عن أعلى مستوياته في العقدين الماضيين، والتي تم تحقيقها العام الماضي. وعلى الرغم من ذلك، يعتقد السوق أن فرصة تشديد السياسة النقدية من قبل الاحتياطي الفيدرالي ضئيلة، حيث يتوقع نحو 87 في المائة من 331 مشاركًا في استطلاع أجرته “أم أل آي في بالس” أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة إلى ثلاثة في المائة أو أقل في دورة تيسير نقدي، بينما يعتقد 40 في المائة أنه من المحتمل أن تبدأ هذه الدورة هذا العام. وتتناقض هذه التوقعات مع تقديرات السوق التي تشير إلى أن معدل الفائدة قد يصل إلى 3.05 في المائة في غضون عامين.ومع ذلك، يتوقع المستثمرون المحترفون تراجع قيمة الدولار، حيث تظهر فجوة بلغت 17 نقطة مئوية بين التوقعات المتشائمة والمتفائلة بشأن العملة الأميركية. وتشير تلك التوقعات إلى تراجع الدولار بسبب ارتفاع المسار المتوقع للعائدات، ومن المثير للاهتمام أن الرد الثاني الأكثر شيوعًا يشير إلى أن ضغوط القطاع المصرفي ستكون محصورة بشكل كبير في الولايات المتحدة، مما يعني أن الاحتياطي الفيدرالي سيكون مضطرًا لتبني سياسة نقدية أكثر تيسيرًا مقارنة بنظرائه العالميين.وفي نفس السياق، شهدت صناديق الاستثمار في الأسهم الأميركية تدفقات كبيرة من المستثمرين الأجانب خلال الأسبوع الماضي، مع زيادة القلق بشأن أزمة سقف الدين وتقديم بعض الشركات نتائج ضعيفة. ووفقًا لبيانات من “ريفينيتيف”، بلغت قيمة التدفقات الخارجية من صناديق الاستثمار في الأسهم الأميركية 5.7 مليار دولار خلال الأسبوع المنتهي في 10 مايو ، وهو الأسبوع السابع على التوالي من التدفقات الخارجية.ويتابع المستثمرون تطورات أزمة سقف الدين الفيدرالي الأميركي، بعد تحذير وزارة الخزانة من إمكانية تعثر الولايات المتحدة عن سداد التزاماتها إذا لم يتم رفع الحد الأقصى للدين قبل الأول من يونيو المقبل. وفي الوقت نفسه، أظهرت البيانات أن صناديق الاستثمار في السندات الأميركية استقبلت تدففقات بقيمة 532 مليون دولار، كما تلقت صناديق سوق المال 10.4 مليار دولار. على مستوى عالمي، يشهد الطلب على المعدن النفيس، الذهب، تراجعًا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام. يعزى هذا التراجع إلى انخفاض مشتريات المستثمرين، على الرغم من زيادة مشتريات البنوك المركزية. وقد تراجع الطلب العالمي على الذهب بنسبة 13 في المئة مقارنة بالعام الماضي، حيث بلغ إجمالي الطلب 1081 طن، وتمثل نصفه تقريبًا من المجوهرات.فيما يتعلق بالبنوك المركزية، قامت بشراء حوالي 228 طنًا من الذهب على مستوى العالم، وهو أعلى مستوى سجلته البيانات خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام منذ عام 2000. وقد بلغ الطلب الصيني على المجوهرات 198 طن، وهو أعلى مستوى فصلي منذ الربع الأول من عام 2015، نتيجة إنهاء القيود المفروضة بسبب جائحة الوباء.ويشير تقرير مجلس الذهب العالمي إلى احتمالية زيادة الطلب على الذهب كاستثمار هذا العام، مع استمرار قوة مشتريات البنوك المركزية، وعلى الرغم من أنها ستكون أقل من المستويات العالية المسجلة في العام الماضيوفقًا لتوقعات استراتيجي بنك “جيه بي مورغان تشيس أند كو”، يتوقع المستثمرون تفضيل الذهب وأسهم شركات التكنولوجيا كوسيلة للحماية ضد احتمالية حدوث ركود في الولايات المتحدة هذا العام. يشير محللو البنك إلى أن الأزمة المصرفية التي تشهدها الولايات المتحدة أدت إلى زيادة الطلب على الذهب كبديل للفوائد المنخفضة في الاقتصاد، ويعتبر الذهب أيضًا وسيلة للتحوط ضد سيناريوهات كارثية.وفي مذكرة بحثية حديثة، يشير الباحثون إلى أن هذا الاتجاه جاذب بشكل نسبي لأنه يمكن أن يكون له جانب سلبي محدود في حالة حدوث ركود معتدل في الولايات المتحدة، ولكنه يمكن أن يحقق مكاسب كبيرة في حالة حدوث ركود عميق. بالفعل، شهد قطاع التكنولوجيا ارتفاعًا حادًا في حصته من الأسهم العالمية هذا العام، واقترب من أعلى مستوياته المسجلة في عام 2021، مما يشير إلى زيادة الاهتمام العالمي بهذا القطاع.