استقرت أسعار الذهب خلال تداولات
اليوم الخميس في ظل توقف المستثمرين عن اتخاذ مراكز جديدة قبل بيانات التضخم
الرئيسية التي تصدر اليوم عن الاقتصاد الأمريكي، والتي من شأنها أن تساهم في توقف
مسار أسعار الفائدة.
ارتفع سعر أونصة الذهب العالمي
اليوم بشكل طفيف بنسبة 0.1% ليتداول السعر حول المستوى 2035 دولار للأونصة، بعد
ارتفاع يوم أمس بنسبة 0.2%، لتستمر التداولات تحت المستوى 2040 دولار للأونصة الذي
يحد من مكاسب الذهب مؤخراً.
التداولات المحدودة خلال جلسة
اليوم تأتي في ظل عدم رغبة المستثمرين في التداول على اتجاه محدد للذهب قبل صدور
مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري الذي يعد مقياس التضخم المفضل لدى البنك
الفيدرالي الأمريكي.
التوقعات تشير إلى تراجع مؤشر
نفقات الاستهلاك الشخصي السنوي خلال شهر يناير إلى المستوى 2.4% من القراءة
السابقة بنسبة 2.6%، ومن المتوقع أن يتراجع المؤشر السنوي الجوهري إلى 2.8% من
2.9%.
في حال جاءت قراءة المؤشر مرتفعة
بأعلى من التوقعات سيعني هذا استمرار التضخم متماسك بشكل يزيد من بقاء أسعار
الفائدة الأمريكية مرتفعة لفترة أطول من الوقت، وسيكون لهذا تأثر سلبي مباشر على
أسعار الذهب الذي يحقق استفادة من الفائدة المنخفضة.
تصريحات أعضاء البنك الاحتياطي
الفيدرالي بأن البنك بحاجة إلى بذل المزيد من العمل لخفض التضخم، وأن البنك ليس في
عجلة من أمره للبدء في خفض أسعار الفائدة في وقت مبكر، تسببت في فرض ضغط مستمر على
أسعار الذهب وتمنعه من تسجيل المزيد من المكاسب، الأمر الذي يدفع الذهب إلى
التحركات العرضية بدون اتجاه واضح.
صرح أعضاء البنك الاحتياطي
الفيدرالي جون ويليامز ورافائيل بوستيك إن البنك الفيدرالي بحاجة إلى بذل المزيد
من العمل من أجل أن يصل التضخم إلى هدف البنك البالغ 2٪. وجاءت تعليقاتهم بعد
سلسلة من التحذيرات المماثلة من مسؤولين آخرين، لتزيد من الشكوك حول التوقعات بأن
يبدأ البنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة في وقت مبكر من عام 2024.
الأسواق ما زالوا يتوقعون فرصة
بنسبة 50٪ تقريباً لخفض أسعار الفائدة في يونيو، ولكن هذه التوقعات مستمرة في
التراجع بشكل تدريجي وسط البيانات المستمرة في الصدور لتظهر تماسك معدلات التضخم.
كما قلصت الأسواق رهاناتهم بشأن
إجمالي خفض الفائدة خلال عام 2024 إلى ثلاث تخفيضات في أسعار الفائدة بمقدار ربع
نقطة في كل مرة، بعد أن كانت الرهانات عند خمس تخفيضات هذا العام قبل شهر مضى.
من المرجح أن تؤدي التوقعات ببقاء
أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول إلى استمرار الدولار متماسك، وتنذر بمزيد من
الضغط على الذهب والمعادن الثمينة الأخرى.
من جهة أخرى نجد أن الذهب يجد الدعم
بعد دخول اليابان وبريطانيا في ركود اقتصادي فني والذي يعرف على كونه تسجيل
الاقتصاد لانكماش في النمو لربعين متتاليين، بالإضافة إلى دعم من التوترات
الجيوسياسية المستمرة في الشرق الأوسط والتي ساعدت أسعار الذهب على تجنب الهبوط
الحاد من جراء توقعات بقاء الفائدة الأمريكية مرتفعة لفترة أطول من الوقت.
من جهة أخرى تعمل البنوك المركزية
حول العالم على تسريع مشترياتها من الذهب، وهي خطوة تعد تنوع استراتيجي للبنوك
بعيدًا عن الدولار الأمريكي وسط التوترات الجيوسياسية وعدم الاستقرار المالي
العالمي.
بدأت موجة تزايد مشتريات البنوك
المركزية من الذهب بعد الحرب الروسية الأوكرانية واستخدام الولايات المتحدة
للدولار كسلاح باعتباره عملة الاحتياطي العالمي، الأمر الذي دفع الدول إلى تنويع
احتياطاتهم.
وقد ساعد هذا على دعم أسعار الذهب
بشكل كبير، فمنذ بداية شهر ديسمبر تقريبا وأسعار الذهب متماسكة فوق المستوى 2000
دولار للأونصة، وذلك على الرغم من تزايد التوقعات باستمرار الفائدة الأمريكية
مرتفعة لفترة أطول من الوقت، والسبب الرئيسي وراء هذا التماسك هو ارتفاع الطلب على
الذهب من قبل البنوك المركزية العالمية.