على الرغم من عدم الكشف الرسمي عن قرب حدوث التعويم المرتقب للجنيه المصري، تشير المعلومات المتاحة إلى اقتراب لحظة اتخاذ هذا القرار الصعب. في السوق الرسمية، يظهر سعر صرف الدولار استقراراً منذ الخفض الأخير للجنيه مقابل الدولار في بداية العام الحالي. في الوقت نفسه، يواجه السوق السوداء تحديات بفعل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية، ومع ذلك، تشير تقارير إلى تداول الدولار في المستويات التي تتراوح بين 40 و43 جنيهًا في التعاملات الأخيرة.تظل الخطوات المرتبطة بتعزيز الاحتياطيات الدولارية هي الجزء الأساسي في قضية التعويم المرتقب. تقوم الحكومة المصرية بجهود مكثفة من خلال برنامج الطروحات وتوقيع اتفاقيات لتبادل العملات مع الدول الأخرى، وإصدار سندات “باندا” و”ساموراي”، وتقليص مسحوبات بطاقات الخصم الدولية. يعد حديث صندوق النقد الدولي بشكل إيجابي عن الإصلاحات التي تقوم بها الحكومة المصرية أمرًا هامًا، ورغم الأخبار المترددة حول طلب القاهرة زيادة قيمة برنامج التمويل، يشير حديث الصندوق بشكل إيجابي إلى إمكانية الموافقة على هذا الطلب.في 12 أكتوبر الجاري، أكد مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، جهاد أزعور، أن الصندوق لا يحدد توقعاته لسعر صرف الجنيه المصري، حيث يتم تحديده بواسطة العرض والطلب. وأشار أزعور إلى أن سياسة سعر الصرف المرنة في مصر تعتبر جزءًا أساسيًا لحماية الاقتصاد من التحديات العالمية.في الأيام الأخيرة، خفضت وكالات التصنيف الائتماني تصنيف مصر، وتلمح بعضها إلى احتمالية المزيد من الخفض. هذه الضغوط تشير إلى ضرورة أن تلتزم الحكومة المصرية بتنفيذ متطلبات صندوق النقد الدولي واتخاذ سياسة صرف مرنة للعملة المحلية.في تصريحه، أكد الخبير الاقتصادي ورئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، الدكتور خالد الشافعي، أن الحكومة المصرية تعمل جاهدة على توفير مصادر جديدة ومستدامة للعملة الصعبة. هذا من أجل تجنب خفض قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار. وأشار إلى أن مصر تسعى بقوة في مجال مبادلة العملة، حيث وقعت اتفاقية مع الإمارات بقيمة 5 مليارات درهم، تعادل أكثر من 40 مليار جنيه مصري. وتجري القاهرة مفاوضات مع الصين في هذا السياق.وأضاف الدكتور الشافعي أن مصر تعمل أيضًا على تنفيذ برنامج الطروحات بنجاح، حيث جمعت حصيلة معقولة من السياحة وقناة السويس وتحويلات المصريين في الخارج. وكل هذه الجهود تهدف إلى تقليل العجز وخفض المدفوعات الخارجية المستحقة في المستقبل.وفي سياق متصل، أعلن وزير المالية المصري، محمد معيط، أن مصر نجحت في جمع حوالي 2.5 مليار دولار من برنامج الطروحات خلال النصف الأول من العام الحالي. ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم بموجب صفقة “وطنية” المقرر إتمامها خلال 6 أسابيع.بالإضافة إلى ذلك، قال الدكتور الشافعي إن الحكومة المصرية تسعى لتعزيز حصيلتها الدولارية عبر زيادة إصدار السندات. ومن المقرر أن تطرح الحكومة سندات “ساموراي” بعملة الين الياباني بقيمة 500 مليون دولار قبل نهاية نوفمبر المقبل. هذا يأتي بعد أن أصدرت مصر سابقًا سندات “ساموراي” بقيمة 500 مليون دولار في مارس الماضي. كما قامت مصر بإصدار سندات “باندا” باليوان الصيني بقيمة 500 مليون دولار أيضًا.وفي الختام، أشار الدكتور الشافعي إلى أن هذه الخطوات والمبادرات تهدف إلى تقوية الجنيه المصري في سوق الصرف، وزيادة احتياطيات النقد الأجنبي لاستيراد السلع الضرورية وتمويل الفجوة التمويلية، وتنويع مصادر التمويل وخفض تكلفة الدين، مما يسهم في جذب المستثمرين وتعزيز الاستقرار الاقتصادي لمصر.