الفيدرالي يثبت أسعار الفائدة متحدياً ضغوط ترمب وسط ضبابية المشهد الاقتصادي

المصدر : اقتصاد الشرق

أبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة دون تغيير، محافظاً على نطاقها الحالي بين 4.25% و4.5% للمرة الثالثة على التوالي، في خطوة تهدف لمنح صانعي السياسة النقدية مزيداً من الوقت لتقييم تأثير السياسات الاقتصادية للرئيس الأميركي دونالد ترمب، مع استمرار المخاوف بشأن تباطؤ النمو وارتفاع مستويات عدم اليقين.

ورغم الضغوط السياسية المتصاعدة، وعلى رأسها انتقادات ترمب اللاذعة، صوتت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، الأربعاء، لصالح الإبقاء على المعدلات دون خفض جديد، بعد ثلاث تخفيضات متتالية بمقدار نقطة مئوية كاملة خلال النصف الثاني من 2024.

اقتصاد متماسك وتضخم لا يزال مرتفعاً

جاء في بيان لجنة السياسة النقدية أن “النشاط الاقتصادي يواصل النمو بوتيرة قوية”، رغم تأثيرات تقلبات صافي الصادرات، وأن سوق العمل لا تزال مستقرة، في وقت استقر فيه معدل البطالة عند مستويات منخفضة، إلا أن التضخم لا يزال أعلى من المستهدف.

وأشار البيان أيضاً إلى تصاعد حالة عدم اليقين الاقتصادي، مع زيادة في المخاطر المرتبطة بارتفاع محتمل في معدلات البطالة والتضخم على حد سواء.

سوق العمل نقطة ارتكاز

يعتمد الاحتياطي الفيدرالي في موقفه الحالي على تماسك سوق العمل الأميركي، حيث أظهرت بيانات شهر أبريل أن الاقتصاد أضاف 177 ألف وظيفة جديدة، بينما ظل معدل البطالة ثابتاً عند 4.2%. يأتي ذلك على الرغم من انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.3% في الربع الأول من العام، للمرة الأولى منذ عام 2022، مدفوعاً بزيادة كبيرة في الواردات قبيل فرض الرسوم الجمركية الجديدة.

صدام مع ترمب

قرار الفيدرالي جاء بمثابة تجاهل لضغوط الرئيس دونالد ترمب، الذي لم يتردد في مهاجمة سياسة البنك المركزي بشكل علني، واصفاً رئيسه جيروم باول بـ”العاجز”، مدعياً امتلاكه فهماً أعمق لأسعار الفائدة. وتجاوزت انتقادات ترمب التصريحات إلى حد دراسة إقالة باول، وذلك في منشوراته عبر تطبيقه “تروث سوشيال”، والتي ألقى فيها باللوم على البنك في تباطؤ الاقتصاد رغم ارتفاع الوظائف وتراجع أسعار النفط.

في المقابل، تمسك باول وفريقه بموقفهم الحذر، مؤكدين أن خفض الفائدة في الوقت الحالي قد يكون سابقاً لأوانه، في ظل استمرار تقييم آثار الرسوم الجمركية التي يدفع بها ترمب، وتأثيرها على النشاط الاقتصادي.

التضخم تحت المجهر

جدد باول تأكيده على أولوية استقرار الأسعار واستهداف التضخم عند 2%، محذراً من أن التحركات المؤقتة في الأسعار يجب ألا تتحول إلى موجات تضخم طويلة الأمد. وأشار إلى أن انخفاض التضخم الأساسي إلى 2.6% حتى مارس، من ذروته البالغة 5.6% عام 2022، يمثل تقدماً، لكنه لا يزال بعيداً عن الهدف المنشود.

توقعات الأسواق

قبل صدور قرار الفيدرالي، توقعت الأسواق خفضاً بمقدار ربع نقطة مئوية في يوليو، مع احتمال تنفيذ خفضين إلى ثلاثة بنهاية 2025. لكن استطلاعاً أجرته بلومبرغ أظهر أن الاقتصاديين يتوقعون خفضين فقط، بدءاً من سبتمبر.

في ظل هذا المشهد، يبقى الفيدرالي في موقف مترقب، يوازن بين ضغوط سياسية متزايدة، وتباطؤ اقتصادي محتمل، ورغبة حذرة في الحفاظ على استقرار الأسعار دون التضحية بتماسك سوق العمل.