أوضح موقع Forbes حذّر البنك المركزي المصري من تداول العملات المشفرة داخل البلاد، وأكّد في بيان، الثلاثاء، أن قيمتها المتذبذبة وغياب السلطة المركزية عن مراقبتها يهدد المتعاملين بها. ويحظر قانون البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي الصادر عام 2020 من استخدام وتداول العملات المشفرة. وتصدر وزارة الداخلية المصرية بيانات متكررة بضبط متهمين بإدارة مراكز لتعدين العملات المشفرة وبيع أجهزة الكمبيوتر المتخصصة في تعدين العملات. كما أفتى الأزهر بحرمانية تداول العملات المشفرة، واصفًا إياها بالـ”مقامرة”، فيما يتزايد عدد متداوليها في ظل الظروف الاقتصادية التي تشهدها البلاد. لكن ما السر وراء التحذير الأخير للبنك من تداول العملات المشفرة؟ خارج سيطرة الدولة يشارك أ.م، وهو شاب مصري يُعدّن العملات المشفرة داخل منزله بالقاهرة، أصدقاءه جهازًا لتعدين بيتكوين، ويقول إنه تمكّن من تحقيق مكاسب تتعدى 500% مع شرائه أول بيتكوين قبل عامين. ورفض أ.م. مشاركة اسمه مع فوربس، خوفًا من الملاحقة القضائية، التي يقول إنها ظالمة. وقال “دول العالم تتجه لتقنين العملات المشفرة، وهنا يحرمونها، ويلقون القبض على متداوليها”. ويرجع أ.م. حملات استهداف تعدين العملات المشفرة في مصر لرغبة الحكومة في السيطرة على السوق وحل المشاكل الاقتصادية عن طريق استهداف مصادر الدخل التي لا تحقق لها عائدًا ضريبيًا. ويكمن سر ملاحقة الحكومات للعملات المشفرة حول العالم في غياب سلطتها المركزية لمراقبة تداولاتها، بحسب استشاري تكنولوجيا المعلومات في جلال وكراوي G&K، عاصم جلال. قال جلال في تصريح لفوربس “انتفى الاحتياج للبنك المركزي في التعاملات عبر شبكات بلوك تشين (التي تستخدم بوصفها وسيطًا وموثقًا لتداولات العملات المشفرة)”. وأضاف جلال أنه مع غياب السلطة المركزية، قد تستخدم العملات المشفرة في معاملات غير قانونية وغسيل أموال وتهرب ضريبي. وقال بيان البنك المركزي “تلك العملات لا تصدر من البنك المركزي المصري أو أي سلطة إصدار مركزية رسمية يمكن الرجوع إليها، ومن ثم فإنها تفتقر لأي غطاء مادي يضمن استقرار العملة وحماية حقوق المتعاملين بها”. ويشير جلال إلى أن البنوك المركزية ترفض تحكم مشاعر الأفراد في سوق العملات المشفرة، الذي يؤدي لتذبذب شديد في قيمتها مقارنة بالاستثمارات الأخرى كالأسهم واستثمارات الشركات والمؤسسات التي يمكن التنبؤ بها. وحتى اليوم، فقدت عملة بيتكوين الأوسع انتشارًا ما يفوق 55% من قيمتها منذ بداية العام، الذي شهد صعودًا لقيمة الدولار ولجوء المستثمرين إليه بوصفه ملاذًا آمنًا لحفظ قيمة أموالهم. ومع ذلك يقول أ.م. إن خسائر البيتكوين “مؤقتة”، مؤكدًا أنه فور انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية وعودة الدولار لمستوياته، سوف يعود الإقبال على شراء العملات المشفرة، ويرتفع سعرها. ويأتي توقيت بيان البنك المركزي ردًا على الازدياد المطّرد لتداول العملات المشفرة في مصر. جنيه متداعٍ وبيتكوين صاعدة تسبب تداعي قيمة الجنيه المصري في إقبال المستثمرين بشكل متزايد إلى ملاذات أكثر أمنًا مثل الدولار والذهب والعملات المشفرة، بحسب جلال. ويشير جلال إلى تركيا، التي أصبحت في المركز الأول من حيث تداول العملات المشفرة في الشرق الأوسط وفي المركز 16 عالميًا بعد تدهور قيمة عملتها، بحسب شركة تشين أناليسس “Chain Analysis”. وفقدت الليرة التركية 40% من قيمتها العام الماضي، فيما تراجعت قيمة الجنيه المصري أمام الدولار، 23% منذ بداية العام الجاري. وتقول شركة تريبل إيه، إن عدد مالكي العملات المشفرة في مصر يبلغ 2.3 مليون شخص، وهي في المركز الثاني في منطقة الشرق الأوسط، بعد تركيا التي يبلغ عدد مستخدمي العملات المشفرة بها 3.8 مليون شخص. أسلحة البنك المركزي في مواجهة بيتكوين قال عاصم جلال إن بيان البنك المركزي اليوم “أزال الضبابية” التي اتسمت في تعامل السلطات مع متداولي العملات المشفرة. ويشير التحذير المركزي إلى حملات أمنية وشيكة قد تستهدف مراكز تعدين وتداول العملات المشفرة. ويقول جلال، وهو خبير في أمن المعلومات، إن ليس لدى السلطات وسيلة لتتبع متداولي العملات المشفرة سوى استجواب المتهمين، وتتبع من يستثمرون أموالهم نقدًا لدى مراكز التعدين. كما قد تسعى الشرطة لتتبع طبيعة البيانات التي تخرج أو تدخل مراكز التعدين عبر شركات الإنترنت. ولكن سيصعب على السلطات تتبع مُعدّني العملات المشفرة الذين يجرون معاملاتهم عبر شرائها ببطاقاتهم الائتمانية بشكل فردي، وهو ما يتفق معه أ.م. وقال أ. م. “أستخدم وسائل الدفع الإلكتروني لأشتري بيتكوين على فترات وبكميات قليلة، إذ يساعدني ذلك على تحقيق المكسب بعيدًا عن خطر الملاحقة الأمنية”. وأكّد أ. م. أن بيان البنك المركزي “لن يثنيه عن الاستمرار في تداول البيتكوين”.