وفقا لجريده الشرق اوضحت ان الدولار الأميركي سجل أسوأ أداء أسبوعي منذ الأيام الأولى لتفشي وباء كوفيد، لكن المحللين يعتقدون أن عمليات بيع الدولار على المدى الطويل لم تصل إلى النهاية بعد. انخفض مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري حوالي 3.5% خلال الأسبوع المنتهي أمس الجمعة، ليحقق أكبر خسارة له منذ مارس 2020. وخفّض المستثمرون رهاناتهم على الدولار قبل صدور بيانات التضخم الأميركية يوم الخميس الماضي، وأدى تباطؤ الأسعار إلى تراجع العملة الأميركية في أسوأ خسارة على المؤشر، بالنسبة للأداء اليومي منذ عام 2009، مع تراجع التجار عن رهاناتهم بشأن مدى تشديد السياسة النقدية التي يتوقعون أن ينفذها الاحتياطي الفيدرالي. تعني عمليات البيع في الآونة الأخيرة، أن مؤشر الدولار انخفض حالياً بنسبة 6% عن الذروة القياسية التي سجّلها في أواخر سبتمبر، وكان الين هو المستفيد الرئيسي. في حين تشير التحركات إلى أن الدولار قد يظل تحت الضغط في الأسابيع المقبلة في ضوء الرهانات على أن الاحتياطي الفيدرالي سيبدأ في رفع أسعار الفائدة بزيادات أقل، يظل المشاركون في السوق حذرين من أن الاتجاه سيستمر على المدى الطويل. كتب محللو “آي إن جي غروب إن في” (ING Groep NV) في مذكرة بحثية: “قد تكون ذروة الدولار قد تم تجاوزها بالفعل، لكن الاتجاه الهبوطي للدولار قد لا يكون موجوداً بعد”، مضيفين أن البنك الهولندي لا يزال يتوقع “الصعود باعتدال” بالنسبة للدولار حتى نهاية العام. ارتفع مؤشر “بلومبرغ” للدولار الفوري بأكثر من 22% من أدنى مستوى له في منتصف عام 2021 إلى ذروته في سبتمبر 2022، وحتى مع الانخفاضات الأخيرة، فإنه لا يزال مرتفعاً بأكثر من 14% عن أدنى مستوياته في العام الماضي. امتدّ تأثير ارتفاع الدولار عبر الأسواق، ما أدى إلى تفاقم تكلفة السلع المقوّمة بالعملة الأميركية مثلالنفط، وتعقيد مسار السياسة النقدية في جميع أنحاء العالم. وارتفعت الأسهم والسندات الأميركية خلال الأسبوع مع تراجع الدولار. قال الاستراتيجيون في “إم يو إف جي” (MUFG) إن ضعف الدولار أصبح الآن “مبرراً”، في حين أضافوا أن حجم الحركة يعكس بوضوح إلى حدٍّ ما “التداول المصحوب بالخسارة” خلال الأسبوع، عندما قلّص المستثمرون الرهانات الكبيرة جداً على الدولار. بدلاً من ذلك، تراكمت الأموال لشراء الين، الذي ارتفع بأكثر من 5% خلال الأسبوع، بعد أن سجّل أدنى مستوى له في ثلاثة عقود قبل أقل من شهر. شبّه لي هاردمان، استراتيجي العملات، وضع السوق وعمليات بيع الدولار بشريط مرن يمتد في اتجاه واحد، وعندما تتركه، تحصل على رد فعل أكبر في الاتجاه الآخر”. بالنظر إلى الحجم الهائل للرهانات على الدولار التي تراكمت منذ بداية 2022، فإن “هاردمان” يتوقع احتمال انخفاض العملة الأميركية بنحو 2% – 3% أخرى قبل نهاية العام. وقد يؤدي ذلك إلى انخفاض الدولار إلى نحو 130 من حوالي 139 مقابل الين في الوقت الحالي، بينما قد يضعف مقابل اليورو إلى حوالي 1.05 من المستويات الحالية البالغة نحو 1.036. لكن مع اقتراب حدوث ركود عالمي، واستمرار الحرب في أوكرانيا وتزايد علامات التباطؤ في الصين، فقد يكون من السابق لأوانه بيع الدولار بقوة، والذي غالباً ما يُنظر إليه على أنه ملاذ في أوقات الاضطرابات. قال “هاردمان”: “من المحتم أنه بمجرد أن يأتي الدور سيكون هناك تحرك حاد نحو الهبوط، وهو ما يحدث الآن”، وأضاف: “في الوقت الحالي، الخطر هو أن هذه الخطوة ستكون مفرطة، لأننا ما زلنا بعيدين عن نهاية دورة التشديد النقدي لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي حالياً”. سيراقب المتعاملون صدور أي إشارات أخرى على تباطؤ الاقتصاد الأميركي والتي قد تمكّن بنك الاحتياطي الفيدرالي من التراجع عن التشديد النقدي بعد سلسلة من الزيادات الكبيرة لأسعار الفائدة. أيّد أربعة مسؤولين التحوّل نحو رفع أسعار الفائدة بوتيرة منخفضة في حين أكّدوا أن السياسة النقدية يجب أن تظل مشددة. قال “هاردمان” إن عمليات البيع المكثفة للدولار ستتطلب مزيداً من الثقة في أن التضخم يتراجع بسرعة، وتكهنات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يحتاج إلى البدء في خفض أسعار الفائدة بسبب مخاطر الركود، لكنه أضاف أن مثل هذا الوضع قد يؤدي بدوره إلى زيادة الطلب على الدولار كملاذ آمن. بالنسبة لمراقبي الرسوم البيانية الفنية، قد يواصل الدولار تكبد خسائره ليصل إلى أدنى مستوياته التي سجّلها في أغسطس، وفقاً للعديد من مؤشرات زخم السوق. كان مستوى الدعم الرئيسي، في أداة “تصحيح فيبوناتشي” عند 32.8%، مرتفعاً في الفترة بين مايو 2021 وسبتمبر 2022، وهو أقل بنسبة 1.3% من المستويات الحالية. يمكن أن يكون ذلك تقديراً بحدوث التراجع، إذا كانت عقود الخيارات تمثل أي دليل. تراجعت انعكاسات المخاطرة، وهي مقياس لوضع السوق والمعنويات، إلى أقل معنويات صعودية للدولار منذ مايو، ومع ذلك أظهرت أن المستثمرين غير مقتنعين بعمليات البيع المكثفة. قال أليكس جيكوف، محلل استراتيجي للعملات في مجموعة العشرة لدى “بي إن بي باريبا” إن: “المخاطر تتمثل في استمرار تغطية المراكز المكشوفة”. وأضاف: “لكن من الصعب القول إن هذا سيؤدي بالضرورة إلى حدوث تحول كبير في الدولار على المدى المتوسط بالنظر إلى أن بيانات مؤشر أسعار المستهلكين لها تأثير ولم نغير توقعاتنا لسعر الفائدة النهائي، والذي يُعدّ في النهاية عاملاً أساسياً للدولار”.