"تدابير المركزي المصري في ظل ارتفاع معدل التضخم إلى أعلى مستوياته"

المصدر : موقع سكاي نيوز عربية

 يواجه المصريون توقعات متباينة حول قرارات لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، التي من المقرر أن تعقد اجتماعها في 22 يونيو الحالي. تترقب الأوساط الاقتصادية والمصرفية هذه القرارات بشدة، خاصة في ظل تصاعد معدلات التضخم في البلاد واقترابها من أعلى مستوى لها.وفقًا للبيانات الرسمية التي نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، فإن معدل التضخم السنوي في أسعار المستهلكين بالمدن المصرية ارتفع إلى 32.7 بالمئة في مايو، مقارنةً بـ 30.6 بالمئة في أبريل. ومن ناحية أخرى، ارتفع التضخم على أساس شهري إلى 2.7 بالمئة في مايو مقابل 1.7 بالمئة في أبريل.تعكس هذه الأرقام ارتفاعًا حادًا في معدلات التضخم، وهو أمر يزيد من التحديات التي يواجهها البنك المركزي المصري في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والمالي في البلاد. واحتمال رفع أسعار الفائدة يعد واحدة من الأدوات المتاحة للبنك المركزي للتصدي للتضخم المرتفع، حيث يمكن أن يقلل من الطلب على القروض ويثبط النمو الاقتصادي، مما يؤدي في النهاية إلى تقليل معدلات التضخم.ومع ذلك، يجب أن نلاحظ أن قرارات لجنة السياسة النقدية لا يمكن التنبؤ بها بشكل قطعي، حيث تعتمد على تقييم شامل للظروف الاقتصادية والمالية والتضخمية في البلاد. قد تتباين وجهات النظر بشأن القرارات التي ستتخذها اللجنة، وقد يتم اتخاذ إجراءات أخرى بدلاً من رفع أسعار الفائدة للتصدي للتضخم، مثل تنفيذ سياسات نقدية أخرى أو إجراءات تقشفية.باختصار، فإن قرارات لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري في اجتماعها المقبل ستكون حاسمة في مواجهة التضخم المرتفع. سيكون لهذه القرارات تأثير كبير على السياسة النقدية والاقتصادية في مصر وعلى حياة المواطنين المصريين بشكل عام.التضخم السنوي في مصر ارتفع إلى مستوى قريب من أعلى مستوى له على الإطلاق في يوليو 2017، حيث بلغ 32.952 بالمئة. بحسب بيانات البنك المركزي، ارتفع معدل “التضخم الأساسي” السنوي إلى 40.3 بالمئة في مايو من 38.6 بالمئة في أبريل.تعود أسباب ارتفاع معدلات التضخم إلى عدة عوامل أساسية، ومنها زيادة أسعار الوقود مثل السولار، بالإضافة إلى زيادات في أسعار الخضروات والفاكهة والمواد الغذائية. هذه العوامل المذكورة تؤثر على تكاليف الإنتاج والتوزيع، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجات والخدمات في السوق.قد يتساءل البعض عما إذا كانت هذه البيانات ستدفع البنك المركزي المصري إلى رفع أسعار الفائدة بعدما قام بتثبيتها مرتين خلال العام الحالي، وقد قام البنك برفع الفائدة الرئيسية 200 نقطة أساس في مارس الماضي.ومع أن قرار رفع أو خفض أسعار الفائدة يتوقف على السياسة النقدية المعتمدة من قبل البنك المركزي، إلا أنه من الممكن أن تنظر البنك المركزي إلى هذه الزيادة الحادة في معدلات التضخم على أنها مؤشر على ضرورة التدخل للحد من التضخم والحفاظ على استقرار الأسعار.رفع أسعار الفائدة هو أداة سياسية نقدية تستخدم للتحكم في التضخم، حيث يعمل على تقليص الإقراض وتشجيع الادخار، مما يقلل من الطلب على السلع والخدمات وبالتالي يمكن أن يؤدي إلى تخفيض الضغوط التضخمية.ومع ذلك، يجب أن يأخذ البنك المركزي المصري في الاعتبار العوامل الاقتصادية الأخرى والآثار المحتملة لرفع أسعار الفائدة على النمو الاقتصادي والاستثمار في البلاد. قد يتطلب الأمر توازناً حساساً لاتخاذ قرارات بناءة وفقاً للظروف الاقتصادية الراهنة.تحدثت الخبيرة المصرفية الدماطي عن اتجاهات البنك المركزي في ظل ارتفاع معدلات التضخم. هناك اتجاهين محتملين للبنك المركزي: تثبيت أسعار الفائدة أو رفعها بمعدل 50 نقطة أساس نتيجة لارتفاع التضخم.سجل التضخم ارتفاعات حادة خلال العام الماضي بسبب تخفيض قيمة الجنيه ونقص العملة الأجنبية وتأخر الواردات. ومن وجهة نظر الخبيرة المصرفية، رفع أسعار الفائدة قد لا يحقق النتائج المرجوة في مكافحة التضخم، حيث قد يؤدي زيادة تكاليف التمويل إلى زيادة أسعار السلع والخدمات وتأثيرها على المستهلكين والتجار، مما يؤدي إلى تباطؤ اقتصادي وتأثيرها على عجز الموازنة العامة.وفي رأيها، هناك حاجة لفترة هدوء لتقييم الوضع الراهن، بمعنى تثبيت أسعار الفائدة، خاصة بعد اتخاذ البنك المركزي المصري إجراءات هامة مثل إيقاف خفض قيمة العملة. وتوقعت “سيتي غروب” عدم خفض قيمة العملة المحلية حتى سبتمبر على الأقل بفضل العائدات السياحية المتوقعة ومبيعات الأصول الحكومية.من جانبه، ألمح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنه غير محتمل خفض قيمة العملة قريبًا، مشيرًا إلى أن ذلك سيضر بالأمن القومي والمواطنين.تم عقد ثلاثة اجتماعات لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري في عام 2023. في الاجتماع الأول تم تثبيت سعر الفائدة، فيما تم رفعها بمعدل 200 نقطة أساس في الاجتماع الثاني قبل نهاية مارس. وتم تثبيت سعر الفائدة في اجتماع مايو. الأخير، قررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري الاحتفاظ بسعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة 18.25% و 19.25% على التوالي. وقد تم أيضًا الاحتفاظ بسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند 18.75%. وتم تثبيت سعر الائتمان والخصم عند 18.75%.تشير خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، إلى أن ارتفاع معدلات التضخم قد يضغط على البنك المركزي لرفع سعر الفائدة من جديد، بعد أن تم تثبيتها في الاجتماع السابق. وتتوقع أن يصل رفع الفائدة إلى 100 نقطة أساس.وتوضح رمسيس أن البنك المركزي استنفد الخيارات الأخرى المتاحة، حيث لا يمكنه رفع الاحتياطي الإلزامي للبنوك إلى أكثر من 18%، لأن ذلك سيقلل من السيولة المتاحة في البنوك. وأيضًا، لا يمكنه تخفيض سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي في الوقت الحالي، بسبب احتمال زيادة التضخم نتيجة لذلك، مما يدفع بالأسعار للارتفاع ويؤدي إلى دورة مفرغة من التضخم المستمر. تشير القطعة المذكورة إلى بعض التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر فيما يتعلق بنقص العملة الأجنبية والتضخم. تقترح الخبيرة أن البنك المركزي قد يسمح للبنوك بإصدار شهادات ادخارية بفائدة أعلى ويقترح أيضًا طرح شهادات دولارية بفائدة 10 بالمئة للمصريين المقيمين بالخارج ومزدوجي الجنسية.وتشير الخبيرة إلى أن الخيارات البديلة لرفع الفائدة هي أكثر إيلاماً وقد تؤدي إلى انفجار في الحالة الاقتصادية، مع تصاعد عجز الموازنة في حالة خفض الجنيه. وتؤكد أن الحلول البديلة مثل زيادة الصادرات وتقليص النفقات وفاتورة الواردات لا توفر حلاً عاجلاً للأزمة الحالية.وتشير القطعة أيضًا إلى تقييمات وكالات التصنيف الائتماني لمصر، حيث خفضت وكالة “فيتش” تصنيف مصر ووضعت نظرتها المستقبلية على سلبية، وأعادت وكالة “ستاندرد آند بورز” النظر في تقديراتها لدرجة آفاق الدين المصري إلى سلبية أيضًا.ويشير الخبير الاقتصادي الدكتور حسام الغايش إلى استمرار ظاهرة الدولارة في مصر، حيث يتم اكتناز العملات الأجنبية ويزيد من أزمة توافر العملة في البلاد. ويرجح أن يلجأ البنك المركزي المصري إلى رفع معدلات الفائدة لمواجهة تلك الظاهرة. تتناول القطعة الحالية الفجوة بين سعر الصرف الرسمي في البنوك وسعر الصرف في السوق الموازية، وتشير إلى أن هناك عوامل تضغط على البنك المركزي لرفع معدلات الفائدة في اجتماعه المقبل. قد يلجأ المركزي إلى خفض قيمة العملة، ولكن ذلك يرتبط بتقدم الصفقات الخاصة ببرنامج الطروحات الحكومية وتغطية الالتزامات المطلوبة من مصر.الخبير الاقتصادي يرجح أيضًا إصدار شهادات ادخار جديدة بفائدة أعلى لسحب السيولة من الأسواق المالية غير المصرفية. ويشدد على أنه عادةً عند رفع معدلات الفائدة، يتم طرح منتجات مالية جديدة، بما في ذلك الشهادات الاستثمارية ذات العائد المرتفع.توضح هذه الإجراءات أن البنك المركزي يعمل على معالجة الفجوة بين السعر الرسمي للصرف والسعر في السوق الموازية من خلال رفع معدلات الفائدة وتنشيط الأسواق المالية بواسطة إصدار منتجات مالية جديدة. يهدف ذلك إلى تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتعزيز قيمة العملة المحلية في المدى الطويل. في الجانب الآخر، تظهر البيانات الرسمية التي أعلنت عنها وزارة المالية المصرية في الربع الأول من العام الحالي 2023، عددًا من المؤشرات الإيجابية. فقد شهدت تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة ارتفاعًا بنسبة 98 بالمئة، وتحقيق نمو بنسبة 35 بالمئة في إيرادات قناة السويس، التي تُعتبر واحدة من أهم مصادر العملة الأجنبية في مصر، حيث بلغت 2.3 مليار دولار في الربع الأول.على الرغم من التحديات الخارجية الواسعة النطاق، أظهرت مؤشرات السنة المالية المنتهية في يونيو 2022 نتائج إيجابية نسبيًا. فقد تم تحويل العجز الأولي في الموازنة، الذي استمر لأكثر من 21 عامًا، إلى فائض أولي بنسبة 1.3 بالمئة. وفي بيان سابق أدلى به وزير المالية المصري في أبريل الماضي، أشار إلى أن مؤشرات السبعة أشهر الأولى للعام المالي الحالي بالموازنة العامة كانت إيجابية، حيث حققت الموازنة فائضًا أوليًا بقيمة 33.7 مليار جنيه مصري، مقارنة بـ 15.2 مليار جنيه في نفس الفترة من العام المالي السابق. وقد ارتفعت الإيرادات الضريبية بنسبة 18.9 بالمئة نتيجة لجهود التطوير والرقمنة التي ساهمت في توسيع القاعدة الضريبية وتحسين دقة تحصيل الضرائب، وتحقيق العدالة بين المتنافسيننقلا عن موقع سكاي نيوز عربية