هل اقترب الفيدرالى من محطته الأخيره وإالى أين اسعار المعدن الأصفر؟

المصدر : كاي نيوز

اقتربت أسعار الذهب خلال
الساعات السابقة من أعلى مستوياتها التاريخية على الإطلاق، وذلك بعدما تلقى المعدن
الثمين دعماً من عاملين أساسيين، تمثل الأول بتبدل لهجة الاحتياطي الفيدرالي
الأميركي، حيال المسار المتوقع لأسعار الفائدة، في حين برز العامل الثاني من
احتمال تمدد الأزمة المصرفية في أميركا، مع احتمال انهيار مصارف أخرى أبرزها PacWest “باك ويست”، وهو ما عزز
من درجة اللجوء إلى الذهب باعتباره ملاذ آمن.

 

ورغم أن الاحتياطي الفيدرالي
الأميركي قرر خلال اجتماعه الأخير رفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، وهي
الزيادة العاشرة منذ مارس الماضي، وهو ما كان يجب أن ينعكس من الناحية النظرية،
انخفاضاً بأسعار الذهب، إلا أن التغييرات التي حملتها اللغة المعتمدة في بيان
الفيدرالي، لناحية القول أنه “سيراقب البيانات المقبلة”، لتحديد ما إن كان المزيد من الرفع للفائدة
ملائماً، بدلاً من القول إنه “يتوقع” أن تكون هناك حاجة لمزيد من الرفع للفائدة،
اعتبر بمثابة إشارة واضحة، بأنه سوف يتحول على الأرجح، نحو وقف رفع أسعار الفائدة،
وهو ما دعم اتجاه المستثمرين نحو الذهب.

 

ويتوقع الكثير من الاقتصاديين
أن يتوقف بنك الاحتياطي الفيدرالي عن سلسلة ارتفاعاته مؤقتاً إذا هدأت واستقرت
معدلات التضخم والنمو الاقتصادي، لكن المخاوف من تخلف الولايات المتحدة عن سداد
ديونها تثير كثيراً من القلق والذعر.

إذ يتوقع المحلل الاقتصادي في
بنك غولدمان ساكس، ديفيد ميركل، التوقف مؤقتاً عن زيادة أسعار الفائدة في اجتماع
الفيدرالي في يونيو المقبل ،لأن ضغوط انهيار المصارف من المرجح أن تؤدي إلى تشديد
الائتمان، مضيفًا إلى أنه يتعين على صانعي السياسة الفيدرالية التأكيد على أن
أسعار الفائدة يجب أن تظل مقيدة مع احتمال ألا تكون هناك صعود إضافي في الطريق،
وسيكون الهدف هو الحفاظ على القدرة على مكافحة التضخم مع الاعتراف بالضغوط الأخرى.

على النقيض،صرح أندرو هولين
هورست، الاقتصادي في “سيتي غروب بنك”، إنه لا يبدو أن مسؤولي الاحتياطي
الفيدرالي مرتاحون أن دورة زيادة أسعار الفائدة قد انتهت، وقد يأتي الاجتماع
القادم بعد شهر ونصف ،ليعترفوا بالحاجة المحتملة إلى مزيد من زيادة أسعار الفائدة،
خاصة إذا جاءت بيانات أسعار المستهلك لشهر أبريل – المتوقع صدورها في 10
مايو –
غير مريحة فيما يتعلق بضبط
معدلات التضخم. ويرى هولينهورست أنه ستكون هناك زيادات إضافية لسعر الفائدة خلال شهري يونيو
ويوليو.

 

 

وبدورها، لعبت المخاوف من توسع
سلسلة الانهيارات التي يشهدها القطاع المصرفي الأميركي من مارس السابق ،دوراً في
تعزيز درجة الاحتماء بالمعدن الاصفر وذلك مع احتمال أن يكون Pac West الضحية
الرابعة، في قائمة المصارف الأمريكية المنهارة.

فقد أكد بنك باك ويست، الذي
انخفض سهمه بأكثر من 90 % منذ الثامن من مارس 2023، أنه يجري محادثات مع شركاء ومستثمرين
محتملين، تتعلق بدرس خيارات استراتيجية جديدة، في حين نفى بنك Western Alliance
التقارير التي أشارت إلى أنه يقوم بدراسة خيارات، من ضمنها بيع جزء أو كل أعماله.

 

ويأتي هذا النفي من قبل بنك Western
Alliance، بعد أن تسبب تقرير نشرته “فاينانشال تايمز”، حول إمكانية بيعه لأعماله، بتراجع سهمه
حوالي 62 % قبل أن يتم تعليق التداول على السهم مرات عديدة في تداولات يوم أمس.

 

يعد المعدن الأصفر من بين أفضل
الأصول أداءً هذا العام، وهو سجّل صعودا بنسبة تفوق الـ 9
% منذ بداية 2023 وحتى الآن،
حيث زادت العقود الفورية للمعدن الأصفر في تعاملات أمس الخميس إلى 2072.19 $ للأوقية
،لتكون قريبة من مستواها القياسي البالغ 2072.49 $، في حين ارتفعت العقود الآجلة للذهب تسليم
يونيو، بما يعادل 18.7 $ لتصل إلى 2055.7 $ للأوقية عند التسوية.

 

ويأتي هذا الارتفاع بأسعار
الذهب وسط توقعات بتسجيله مستويات قياسية غير مسبوقة، قد تصل به إلى 2200 أو حتى 2500 $ للأوقية
،حيث ذكر بنك أوف أميركا في تقرير تم نشره منذ أيام أنه مع استمرار البنوك
المركزية حول العالم في شراء الذهب، وتسارع اتجاه إزالة الدولرة، ووقف الاحتياطي
الفيدرالي الأميركي لزيادة أسعار الفائدة، فإن الذهب لا يحتاج سوى لقليل من عمليات
الشراء من المستثمرين الجدد لاختراق حاجز الـ 2500 $ هذا العام، لتبقى الترجيحات الأكثر واقعية
بوصول الذهب إلى مستوى 2200 $ في اواخر 2023.

اختراق حاجز 2200 $ للأوقية

من جهته، رأى بنك UBS أن  زيادة أسعار الذهب لم ينته بعد، وأن اختراق
المعدن النفيس لحاجز الـ 2200 $، بات أقرب من أي وقت سبق، مضيفا إلى أن الذهب يتطلع
إلى الانتقال لمستويات 2100 $في ختام العام ثم التقدم إلى 2200 $ بحلول اخر
مارس 2024.

 

ووفقاً لـ UBS فإن السمة
الرئيسية لارتفاعات أسعار الذهب في 2023 كانت الطلب القوي من البنوك المركزية وعودة
المستثمرين الماليين إلى السوق، متوقعاً أن يستمر نشاط شراء الذهب من قبل البنوك
المركزية لمدة عام آخر.

وتقليدياً، يعتبر طلب البنوك
المركزية على الذهب محركاً للأسعار من الدرجة الثانية، ولكن المستويات القياسية
لعمليات شراء البنوك للذهب التي بدأت في 2022 وهي مستمرة حتى ألان ،تترك تأثيراً كبيراً
على الأسعار لا يمكن إنكاره.

 

وتحدث مجلس الذهب العالمي،
الجمعة، إن الطلب العالمي على المعدن النفيس انخفض في الأشهر الثلاثة الأولى من
عام 2023، إذ قوبلت المشتريات الكبيرة من جانب البنوك المركزية والمستهلكين الصينيين
بتراجع في شراء المستثمرين.

وذكر المجلس في أحدث تقاريرها
الفصلية عن اتجاهات الطلب، أن إجمالي مشتريات الذهب وصل إلى 1081 طناً في أول
ثلاثة أشهر من 2023، بهبوط نسبته 13% مقارنة بنفس الفترة من 2022، حيث أتى نحو
نصف الطلب من تجار المجوهرات، فيما أتى باقي الطلب من المستثمرين والدول.

وأضاف مجلس الذهب العالمي إلى
أن البنوك المركزية اشترت 228 طناً من الذهب، في الربع الأول من 2023، وهي الكمية
الأكبر التي تشتريها المصارف المركزية في الربع الأول من أي عام، منذ بدء تسجيل
البيانات عام 2000.

وقد بلغ الطلب على المجوهرات
في الصين 198 طناً، وهو أكبر طلب فصلي منذ الربع الأول من عام 2015، وذلك بعدما أطلق إنهاء قيود كورونا العنان
لإنفاق المستهلكين.

في غضون ذلك، اشترى العملاء
الأميركيون القلقون بشأن الاضطرابات المصرفية والاقتصادية، 32 طناً من سبائك
الذهب والعملات، وهو أعلى مستوى في أي ربع منذ عام 2010.

على الجانب الآخر، ذكر المجلس
أن مشتريات سبائك الذهب والعملات انخفضت في أوروبا، كما هبط الطلب على المجوهرات
في الهند إلى أدنى مستوى في ثلاث سنوات.

ورجح المجلس أن ينمو الطلب
الاستثماري هذا العام، وأن تظل مشتريات البنوك المركزية قوية، وإن كانت أقل من
المستوى المتزايد الذي شهده العام السابق.

 

يقول الخبير في التوجيه المالي
والاقتصادي عبدالله حرفوش، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن اختراق
الذهب لحاجز الـ 2200 $ ليس ببعيد أبداً، في حين أننا قد نرى أرقاماً أعلى
تتراوح بين 2500 و3000 $ للاوقية ،ما بين عامي 2024 و2025، مضيفا إلى أنه تقنياً، يمكن للذهب أن يرتد إلى
مستوى يتراوح بين 1870 و1940 $ على المدى المتوسط أو القصير، وذلك قبل أن
يعود ليكمل مساره الصعودي على المدى الطويل.

 

بحسب حرفوش، فإن الذهب قد
ينخفض في حال قرر الاحتياطي الفيدرالي التدخل، لتقوية وإعادة الثقة للدولار
الأميركي بعد النكسات التي يتعرض لها، لافتاً إلى أن هذا الأمر قد يحدث على المدى
القصير ما سيؤدي إلى تحول المستثمرين نحو الدولار، في المقابل وفي حال استفحلت
الأزمة الاقتصادية في العالم، وقررت الولايات المتحدة إضعاف الدولار عن قصد بسبب
سقف ديونها، فإن هذا سينعكس إيجاباً على الذهب.

 

يرى الخبير في التوجيه المالي
والاقتصادي عبدالله حرفوش، أن اجتماع عوامل مثل تخلي بعض الدول عن الدولار ضمن
المسار الجديد لخلق نظام عالمي متعدد الاقطاب، إضافة للأزمات الاقتصادية والحروب،
ستساعد الذهب على المضي قدماً في طريقه صوب مستوى 3000 $ للأوقية ،في 18شهر أو سنتين، معتبراً أن استمرار الأزمة
المصرفية في أميركا وإمكانية تمددها لدول أخرى سيعزز الاتجاه صوب معدن الذهب كملاذ
آمن.

دور محوري في المحافظ وصناديق
الاستثمار

من جهته، صرح وضاح الطه وهو
عضو المجلس الاستشاري الوطني لمعهد CISI البريطاني في الإمارات، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي
نيوز عربية”، إنه من الناحية الاستراتيجية سيلعب الذهب دوراً محورياً في المحافظ
والصناديق الاستثمارية في المرحلة القادمة ،مضيفا إلى أن عام 2022 شكل مقدمة
لزيادة الطلب على الذهب، مع تسجيل مشتريات حجمها 4741 طناً في العام السابق ،توزعت على الاستخدام
الاستثماري والاستخدام للزينة والصناديق، التي تعتمد التداول على الذهب، إضافة
مشتريات البنوك المركزية حول العالم والتي كان حجمها ملفتاً للانتباه.

 

ويرى الطه، أن الإرباك الحاصل
في البنوك الاميركية، يبعث على القلق ويؤدي إلى اللجوء إلى شراء الذهب للتحوط،
وهذا ما سيدعم أسعار الذهب في المرحلة القادمة ،متوقعاً أن تطيح سلسلة الانهيارات
بمزيد من البنوك الأميركية، نتيجة حال الإرباك لدى المودعين، الذين يتجهون لسحب
أموالهم من المصارف بشكل مفرط، ما يؤدي إلى سقوط البنك.